أكثرى السهو فى كتابك و امحيه ..

١٦‏/٠٩‏/٢٠٠٧

الحب من أول نظـرة

كنت جالسا ذات مرة مع أحد الاصدقاء فى مقهى بعاصمة النور و الجمال فمرت امرأة جميلة ذات ملامح شرق اوسطية بينة فاختلسنا نحن الاثنين النظر اليها و تابعناها حتى اختفت بآخر الشـارع ، وعندها التفت الصديق نحوى وتمثل قائلاً
-----
يا أم عمـرو جزاك الله مكـــرمة ... ردى على فـؤادى أينمـا كـانـــا
-----
فلم اجيبه سوى بابتسامه ، و انشغلت بمحاولة شرح طلبى الذى لم يكن معقداً حيث اننى كنت أريد لاتيه مع فنجانين اسبرسو للنـادلة التى لم تكن تعرف الانجليزية و معرفتى بالفرنسية لم تسعفنى
-----
وبعد دقائق فوجئنا بنفس السيدة تأتى من حيث غابت و تدخل المقهى و تجلس داخل المقهى ، فالتفت على صاحبى الذى كان مبتسماً و قلت له هـا قد عـادت ام عمـرو فهل ردت فؤادك ، فضحك و أجابنى بأن تمثله كان مجازيـاً ، وليس من المعقول ان تسلب فؤاده امرأة بمجرد النظر ، فسألته اذن مارأيك بالحب من أول نظرة ... فأجابنى وهو واثق بأنها مجـرد خــــرافـــــــــة
-----
استأت من عدم ايمانه بالحب من أول نظره ... وخصوصاً بأن هذا الصديق بالذات هو أكثر من عرفت رومانسية و لطالما اعتبرته من العقلانيين الذين يؤمنون بالعشق المجرد ... فأجبته بأننى لاأظن ذلك و بأنه مخطىء ... فأجابنى ان كنت عرفت أو علمت بأى أحد عشق من أول نظره ... فانكسرت مهزوماً حينها و اهتزت ثقتى بالمقولة الخـالدة
-----
ولكن شيطان الشعر راودنى فتذكرت الشاعر القائل
-----
كـل الحوادث مـــــبداهـا النظــــــر ... و معظم النـار من مستصغر الشـرر
كم نظرة فــتكت فى قلب صاحبـها ... فتك السهـام بلا قوس ولا وتــــــــــر
-----
فاحتج بأن الشاعر لم يذكر العشق كما هو وارد ببيت جرير الخطفى الشهير ، و بأن الهلاك ليس العشق و لكنه الاعجاب الذى يخلب العقل و بيت جـرير هو
-----
ان العيون التى فـى طرفهــا حــور ... يـقـتـتلنا ثم لا يحيين قتـــلانا
يصرعن ذا اللب حتى لا حـراك به ... وهن اضعف خلق الله انسانا
-----
فأجبته بأن جـرير قد يكون قد عنى الهلاك الناتج عن الاعجاب و العشق فكلاهما مهلك ... و قد ازداد الشعراء فى هذا المعنى فهاهو بيت بشار الذى صنف كأغزل بيت قالته الشعراء يقول
-----
أنا و الله اشتهــى سحـــر عينبــ ... ـك و أخشى مصارع العــشــاق
-----
وهذا المتنبى يقول
-----
و أنــا الذى اجتلب المنيــة طرفـــه ... فمن المطـالب و القتيل القــاتل
-----
و قــال الصورى رحمــه اللــه
-----
نظـر العيون الى العيون هــو الذى ... جعل الهلاك الى الفؤاد سبيلا
مـازالت اللحظــات تغـــزو قـلبـــــه ... حتى تشـــحط بينهن قتيـــــــلا
-----
فـلا يخفى على عـاقل بأن المقصود بالهلاك هو العشق و هو الذى يصيب الفؤاد .. و عند هـذا السيل المتدفق من الادلـة رضخ صديقى و قـال بأنه قد تكون المقولة صحيحة .. فضحكت و حذرته من مغبة تشكيكى باى اعتقاد لدى .. و حانت التفاتة منى حينها للفاتنة الجالسة بالمقهى فرأيتها تبتسم و هى تتكلم بالهاتف فقلت لصاحبى عن ذلك فالتفت بدوره و عـاد لى النظر وقال ممازحـاً بأنى ان تمثلت ببيت يوافق المكان و الزمان فانه سيقوم هو بدفع فاتورة المقهى .. فتمثلت و انا شبه متأكداً بالبيت التالى
-----
أرينى مــكان البـدر إن أفــل البـــدر ... و قـومى مقام الشمس ان بعد الفجــر
ففيـك من الشمس المنيــرة ضوءها ... و ليس لهـــا منك التبسـم و الثغــــــر
-----
فانصرفنا بعدما قام هو بدفع الفاتورة .. و فى طريق العودة خطر ببالى البيت التالى الذى كنت قد قرأته منذ مدة و لست اذكر قائله .. وعندما قلته عاهدنى صديقى العزيز على ان لا يجادلنى بامور العشق ابداً
-----
سمــاعا يا عبـاد الله منى ... و كفوا عن ملاحظة المـلاح
فإن الحب آخـره المنـــايا ... و أولـــه شبيـــه بالمـــــزاح
-----
و لتعذرنى العزيزة على عدم نشر القصة التى تريد حيث اننى وددت ان اغيظ صديقى بذكر هذا الموقف .. و لها العهد منى بأن الحادثة التى تريد منى روايتها ستكون الاضافة الآتية بأذنه تعــالى

ليست هناك تعليقات: