أكثرى السهو فى كتابك و امحيه ..

١٨‏/٠٥‏/٢٠٠٧

عــلامــات المــحب

سـألنى ســائل عـزيز عن عـلامــات المحبــة وكيف يمـكن للمحــب ان يـعـلم ان الحبيب يبـادله الشـعور ، ولقـد شـق عـلى حـال السـائل حيث أنـه تبين لى بـان كـل عـاشق يسـأل نفسـه هـذا السـؤال وعـلمت حيـن سـألنى بأنـه غـائص ببحـر الهــوى و يـود أن يعــلم ان كـان حبيــبه سـابح فى نفس البـحر معـه أم لا
-----
ولأجيـب السـائل عن سؤالـه لابد لى أن ابين للقـارئ ان الذى سيـرد ذكـره من عــلامـات هـو عـلامات النفـس السمـاوية العـلوية ، ولقـد قسم الأدبـاء النفوس البشـرية الى ثـلاث ، الأولى هى سمـاوية عـلوية ، محبتهـا منصرفة الى المعـارف و اكتساب الفضائل واجتناب الرذائل ، دائمة الشغف بما يقربها من الرفيق الأعـلى . أمـا الثانية و العياذ بالله هى نفس سبغيـة غضبيـة ، محبتهـا منصـرفة الى القهـر و البغى والعلو بالأرض. والثـالثة نسـأل الله الا نكون منها هى حيوانية شهوانية ، تنصرف محبتها الى المأكل والمشرب و المنكح . و الحب فى عـالمنا دائر بين هـذه النفوس الثـلاثة ، فأى نفـس صـادفت مـا يلائمها من طبع انصرفت اليـه و لم تصغ لعـاذل و لم تأخذها فيه لومة لائم. و مــا ابينه انا دومـاً فى هـذه المدونة هو قسـم النفـس الأولى ، و نسأل الله لنا و لكم الســداد
-----
وعـلامات الحب كثيــرة عــديدة ولكـنى سأذكــر خمســة منهــا لكى لاأطيل عــلى القــارئ الكـريم و لقــد رتبتهــا عـلى حسب مـا خطرت لى و الحـق يقـال بأن الحبيب قـد يظهـر بعض هـذه العـلامات أو جميعهــا ، فإن ظهـر بعضهـا و لم تظهـر كلها فهـذا لا ينقص من الحـب شيئـاً
-----
أول العـلامات هى إغضـاء النظـر عنـد الحبيب و رميه بطرفه نحـو الأرض ، وذلك من مهابته لـه وعظمته فـى صـدره ، ولنـا فى خيـر البشـر أكبـر دليل عـلى الأدب ، فقـد قـال الله تعــالى مخبـراً عن أدب النبي - صـلى الله عليه وسـلم - ليــلة الاسـراء ((مـا زاغ البصـر ومـا طغـى)) - النجـم 53 / 17 - وهــذا غــاية الادب حين لايزيغ البصـر يمينـاً و لا شمـالاً ، وعـليه فـإن المـلوك تستهجـن من يخـاطبهم وهو يحـد النظـر اليهـم
-----
و الثـانيـة هـى نسيـان مـا حوله عـند ذكـر الحبيب ، فـإنك تـرى المحب حين يـذكـر حبيبه يسـرح بخيــاله عن الجـالسين ،كمــا ان ذكـران الحبيب يـذكى شجـاعة المحب و ينسيه الأخطــار كمـا ورد بكتاب الحمـاسة و كمــا قــال الشــاعـر
-----
و لقـــد ذكــرتك و الرمــاح كــأنهـــــــــا ... أشطـــان بئـر فى لبــــــــان الأدهـــم
فـــوددت تقبيـــل السيـــــــوف لأنهـــــــا ... بــرقت كبــــارق ثغـــرك المتبســــم
-----
و الثـــالثـة هــى البهــت و الـروعـة التى تحصــل عند مواجهــة الحبيــب ، ولا سيـما اذا رآه فجـأة ، كمــا قــال الشــاعـر
-----
فـــما هــو الا ان أراهــــــا فجــــــــــاءة ... فـأبهـــت حتــى مـا أكـــاد أجيــــــب
فــأرجـع عـن رأيــى الأذى كــــان أولاً ... و أذكـــر مـا أعــددت حيــن تغيـــب
-----
والرابعـة هــى ســرور المحـب بمــا يفـرح حبيبــه كــائناً مــاكان - الا فقــده - حتـى و ان كـان يســر الحبيب مــا يشين المحــب ســر هــذا الأخيـــر لســرور حبيبــه ، وكــما قــال المتنبـى
-----
يــامن يـعز علينـــا أن نفــارقهـــم ... وجداننا كـل شــئ بعــدكم عـــدم
ان كـان سركم ما قـال حـــاسدنــا ... فمـــــا لجـــرح اذا أرضـاكم ألـم
-----
و الخـامسـة هى حب الخـلوة و الانس بهــا و التفــرد عن النــاس ، و قـد بدى لى بأن الحب قـد بنى عــلى ذلك ، فقـد قـال أحد السلف ، بأنه لاشئ أحـلى للمحب الصـادق من خـلوتة ، و انه ان ظفــر بمحبوبه أحب خــلوته به و كـره من يـدخـل بينهمــا أشـد الكـــراهه ، و لقــد قــال الشــاعـــر
-----
و أخـــرج من بيــن البيـــوت لعـلنى ... أحـــدث عنك القـلب بالسـر خـالياً
-----
و أخيـــراً هنــالك عــلامة معــروفة وهــى الغيـــرة ولكنى لم اذكــرها من ضمن العــلامات الخمس لرغبتــى بأن أفـــرد لهــا مقــالاً مفـــرداً لهـــذه العــلامة فقـــط ، كمــا أود ان انـــوه بأنى حيــن قــرأت هـذا المقــال عـلى البعــض سألونى لم لم أذكــر استكــانة المحـب لمحبوبه و خضــوعه و ذلـه له فهـى أحـد عـلامات الحـب المؤكــدة ، فأجبتهم بأن بعض الادباء وافق هــاذا الرأى فقــال
-----
اذا كنت تهـــوى من تحــب و لم تكــن ... ذليــلاً لــه فـاقــر السـلام عـلى الوصــل
تذلـل لمـن تهـــوى لتكســـب عــــــزة ... فكــم عــزة قــد نــالها المـــرء بالـــــــذل
-----
ولكن الاخـرين لم يوافقوهم و استشــهدوا بقـول ابن طـــاهـر
-----
فإنــى و إن حنــت اليـــك ضمـــائرى ... فمــا قــدر حبــى ، أن يــذل لـه قـــدرى
-----
و أنـا من الذين استشهــدوا بقــول ابن طــاهـر .. و ليس من العشـــق منـــاص

٠٩‏/٠٥‏/٢٠٠٧

أخـالف العـــمر

عــاتبتنى أحـدى بنـات حـواء عـلى عــدم اهتمــامى بالشـعرالشعبى أو النبـطى .. فأجبتهـا بأن هــذا الاتهــام هـو بــاطل ، حيــث اننى لايهــزنى طـربـاً الا الفــن الســامرى ، بـل ان اول كتــاباتى كــانت بالشعــر الشعــبى ومن ثم انتقـلت الى العــامودى و الحــر الفصيــح لعشقــى للشعــر الجــاهلى والأمــوى ، و عــندهــا طلبتنى أن ابــدى رأيى بالشعــر النبطى و القفــزة النوعية التــى شهــدها مؤخــراً بكـثرة الامسيــات و الحـدث الأعــلامى الأخيــر شــاعر المليــون
-----
والحـق انى أرى بان السبب الرئيســى للارتقــاء الذى شهـده الشعـر االشعبــى بالعقــدين الاخــيرين هــو صــاحب الســمو المــلكى الأميــر خــالد الفيـصل (دايـم السيف) الذى استطــاع ان يبسـط اللهجــة المستعمــلة بهــذا الشعــر لكى يتسنى لنا نحـن أهـل الحــاضرة (ان صح التعبيــر) أن نستوعبــها ، وللحــق أقــول بأن أول ديــوان شعــرى قــرأته بحيــاتى كــان ديــوان قصــائد نبطيــة لـدايم السيــف المنشــور عــام 1986 ، حيث شــدتنى ســلاسة الشــعر و المعــان الغزيــرة التى احتــواهــا ، ومــا زلت أذكــر قصييدته الـرائعــة (من بــادى الوقــت) التــى طــالما استمعت لهــا بسنين الغـربة عنــدما كنت انهى دراستى الجامعية و التــى أود أن اهــدى البيــتين الأخيـرين منهــا للتى عــاتبتنى مـذكـراً كـل عــاشق بأن الوقت يـذهب ولا يعــود
-----
من بـــادى الوقــت هـــذا طبـع الأيــــــام ... عــذبــات الايــام مــاتمــدى ليـــاليهــــا
حـــلو الليــالى تــوارى مثـل الأحـــلامى ... مخـطور عنــى عجــاج الوقت يخفيــها
أسـرى مع الهـــاجس اللى مابعد نــامى ... وأصـــور المــاضى لنفســى و اسليـها
أخــالف العمر .. أراجع سالف أعوامى ... وأنــوخ ركـــاب فكـــرى عــند داعيــها
تــدفى عــلى جــال ضوه بـارد عظـــامى ... والمــا يســوق بمعــاليقى و يــرويهـــا
الى صفــالك زمــانك عــل يـــا ظــــامى ... اشـرب قبــل لا يحـوس الطيـن صافيهـا
الوقـت لو زان لك يا صـــاح مـــأدامـى ... يــاسرع مـا تعـترض دربـك بـلاويهـــــا
حــتى وليـفـــك لـو هيـــــم بـك هيــامى ... سيــــــورالايـــام تجــنح بــه عـــواديهـا

-----
و الحديث ذو شجـــون

٠٥‏/٠٥‏/٢٠٠٧

طعم العشــق

أود بداية أن أعتذر للقـراء الكرام على اهمـالى لاضافة أى مدونات الشهر المنصرم حيث كنت أعـانى من ضغط بالعمل ، ولم يكن لدى الوقـت الملائم لاضـافة أى جديد بالمدونـة ولكنى أعـدكم بأن يتم اضـافة موضوع جديد اسبوعيـاً باذنه تعــالى
-----
قـرأت بكتاب أخبـار النسـاء للشيخ ابن القيم الجوزية - رحمه اللــه - وهو على فكرة ليس بكتاب ابــاحى كما اعتقد الاخ (بركـان) عندمـا دخل على بالمجلس فوجدنى أقـرأ بالكتاب المذكور ، خبـراً طريفـا مفـاده بأن عـروة ابن الزبيــر سأل رجلاً لديه من قبيلة عذره - وهم بالمناسبة أعشق العـرب و اليهم ينسب الحب العذرى وسوف ننشـر بعضاً من اخبارهم ان شـاء الله - عن معنى العشق ، فأجــابه ناشداً
-----
يـا أيهــا الرجــل المعذب بالهــوى ... إنى بأحوال الهــــوى لعليــــــــم
الحب صاحبـه يبيــــــت مسهـــــداً ... فيطيـــر من فــؤاده ويـهـيــــــــم
والحـــب داءٌ قــد تضمنـه الحشـا ... بين الجـوانح و الضلوع مقيــــم
والحب فيـــه حــلاوة ومــــــرارة ... و الحـب فيـــه شقــاوة و نعيــــم
والحــب أهـون مـا يكـون مبـرح ... و الحب أصغـر ما يكون عظيـــم
-----
ورغم ان الشـعر ليس بالجيـد و لكن المعنـى واضـح فهـو يميــل بطعم الحب نحو المــرارة ، و لكثـرة تأملى بالعشـق على مـر السنين فقد صنفت وصف العشق لدى الشعـراء بثلاثة أصنـاف . الاول وهو المـر و الثـانى وهو الساقط والثالث وهو المكتفى و لسوف اعـرفها واحداً تلو الاخر باذنه تعـالى ، ولكن شعر العذرى المذكور هو من الصنف الاول الذى لا اميل اليه البته ولكن يميل اليه احد الاصدقاء الذى طالما ابدى اعجابه بالاعتزال فى العشــق ، والذى أود ان اهديه الابيات التاليه
-----
لا أستطيـــع سلـواً عن مـــودتهــا ... أو يصنع الحب بى فوق الذى صنعــا
أدعو الى هـجرها قلبى فيسعـدنى ... حتى إذا قلت هـذا صــادق نــــزعـــــا
-----
ويبقى السـؤال الذى أود أن اطرحه على القـراء ، هل تتفقون مع الشـاعر العذرى بوصفه للحـب بأن أهونه مبـرح و أصـغره عظيــم